في ليلة صيفية هادئة و تحت ضوء قمرٍ مكتمل وسماء صافية, جلس ثلاث رفاق, أحمد و سليمان و ابراهيم, يتجاذبون اطراف الحديث في مواضيع عدة, وكان ما استوقفهم رحلة سليمان و ابراهيم الى احدى المنتجعات ذو الطابع المحافظ , بانفصال برك السباحة ومحدودية الاختلاط فيها…

سليمان: والله يا أحمد كانت رحلة من العمر والحلو فيها انه هيك الواحد ممكن يروح مع عيلته وهوه مرتاح
ابراهيم : آه والله لا فيها اختلاط ولا شي وكل واحد اله مسبح لحاله و المكان مرتب كتير
أحمد: يالله الحمد الله انه انبسطوا, شو عملتوا كمان خبروني
ابراهيم: سباحة و العاب مائية و هيك , وبالليل والله كان في هيك نشاطات و العاب للصغار و ساحر و مش عارف شو, ف كان جميل الوضع و مسلي,
سليمان هوه انت صورتهم صح

سليمان: آه يا زلمة ولو
ابراهيم : فرجيهم بالله لأحمد

أخرج سليمان موبايله السامسونج الحديث و وضع بصمته ففتح الجهاز وأخذ يبحث في مئات الفيديوهات حتى وجد احدى الفيديوهات المنشودة.

سليمان:خد خد شوف هاد

الفيديو كان لاولاد صغار يلعبون على صوت بعض الاغاني المعروفة ومنها أغنية غانغام ستايل, وفي لقطة اخرى كان قد اخذها سليمان للمكان, كان المكان يتكون من العديد من الطاولات وكل عائلة تجلس على طاولة و يشارك من يشارك فيها بالنشاطات التي كانت تعلو المسرح.

أحمد: والله حلو يا زلمة, باين انكم انبسطوا
ابراهيم: والله وراحت عليك ياقلبي
أحمد: مش مشكلة خيرها بغيرها
سليمان: ايش رايكم ناخدلنا لفة بالسيارة بدل ما نحنا قاعدين
ابراهيم: اسمع ربع ساعة بس نشوف الأخبار و نطلع

قلّب ابراهيم بين اسماء القنوات حتى رسى ابهامه على اسم احدى القنوات الاخبارية, فضغط عليه, وكان من يقدم النشرة مذيعة اغلب الظن انها من اصول لبنانية, حسنة المظهر, بشعر كستنائي اللون و عيونٍ عسلية, ترتدي قميصا أبيض اللون, ضاق عليها قليلا اما لزيادة في وزنها أو قيامها باحدى العمليات التجميلية التي يقوم بها الاطباء بحقن مادة البوتوكس في منطقة الصدر, لابراز مفاتن الفتيات , خضوعا لارادتهن.

انتهت نشرة الاخبار والتي تلتهتا نشرة الارصاد الجوية والتي تقدمها متنبئة الارصاد الشهيرة والتي يبعد اي تنبؤ جوي لها عبر سنواتها الخمس في عملها في هذه القناة كل البعد عن ما يفاجأ فيه المواطن عند الاعتماد على تنبؤاتها.

وكانت كعادتها تلبس احدى تنانيرها التي لا يزيد طولها عن مستوى ركبيتها الا بما يقارب ال خمس سانتيمترات فقط و المتميزة بلونها الفاقع والتي كان في يومها أحمر اللون, اعتلاه ايضا قميص ابيض اللون لكن مع جاكيت اسود اللون.

أحمد: مش هاي ديما اللي صارلها خمس سنين بتتطلع وبتخوزقنا بتنبؤاتها
سليمان: ههههه, ولك مرة قالت صيفي معتدل طلعت ب شورت و نص كم, والحمد لله هو طلع صيفي معتدل بس ب كوالالامبور بل مرة مش عنا… الله لا يوفقها تحممت من الشتا يومها..
ابراهيم: هاهاها..يا زلمة خليها ع الله, والله مانا عارف ليش مخليينها
قوموا ,قوموا خل نطلع بلا ديما بلا بطيخ …

ادار ابراهيم محرك سيارته بعدما صعد كل من أحمد و سليمان فيها, وكل عادة فان من مسؤوليات ال co pilot الذي على يمين السائق بجانب رصده للرادارت و دوريات الشرطة, فان من أكبر مسؤولياته وأهمها تنسيق الأغاني و العمل ك DJ .. وكانت هذه المهمة في هذا اليوم من نصيب أحمد..

سليمان: يا زم حطلنا شي خل نسمعه
أحمد    :ولو يا زلمة ابشر, لسا مكتشفلك playlist على soundcloud …خرااافية
ابراهيم : يلا طيب, اشجينا

كانت ال playlist عبارة عن مزيج من الاغاني العربية و الانجليزية الكلاسيكية, ذو الطابع الهادئ الذي اندمج فيه كل من الأصدقاء الثلاثة …

ابراهيم: يا زلمة الله يسعدك, من زمان عن هيك أغاني
أحمد   : كيف بس, بشرفك ما هي طقع
سليمان: اخخخخخ….ذكريات الزمن الجميل

بعد ما يزيد عن نصف ساعة بقليل, رن جرس هاتف ابراهيم, وكان على الطرف الآخر والده يطلب منه ان يأتي لاخذه من بيت خالته حيث ان سيارته قد تعطلت.

ابراهيم: شباب بس رح نروح نجيب الوالد من عند بيت خالتي, سيارته خربت
أحمد: تمام

وصل الثلاثة الى بيت الخالة, ترجّل أحمد من مقعده وسلم على ابو ابراهيم وجلس في المقعد الخلفي.

ابو ابراهيم: شو أخباركم يا ولاد, زمان عنكم ؟
سليمان: والله مشتاقين يا عمو, الله يخليك..
ابو ابراهيم: احمد شو طمّني, كيف شغلك
أحمد      : والله يا عمي الحمدلله, متبهدلين شوي, بس انه عادي, هيك كل الشغل
ابو ابراهيم: يعطيك العافية يا ابني, هوه اول كم من شهر بيكونوا متعبين بعدين بتسلك
أحمد       : بالضبط هيك, الله يسهلها
ابو ابراهيم : آمين

سليمان: عمه بالله تشغل هال مسجل, نسمعلنا شي
ابو ابراهيم : ومالو يا حبيبي, اسمع اسمع

شغل ابو ابراهيم المسجل و كان هاتف احمد ما زال موصولا به, وال playlist لسا شغالة..

أبو ابراهيم: يا سيدي يا سيدي, كاينين مروقين يا حضرات, الله يهديكم

فصل ابو ابراهيم هاتف احمد و وضع احدى القنوات ذو الطابع الديني, التي تذيع على مسامع مستمعيها -كما يقول ابو ابراهيم- انها اناشيد

ابو ابراهيم: مش هادول احسن من اللي بتسمعوهم
سليمان : عمو, هادول نفس الكلام بحكوا, اللهم جيبينها ع قناة دينية, وبغنيها مغني بس اسمه بهاي القناة منشد
ابو ابراهيم : هاي نفس الكلمات !!! اتق الله يا زلمة!!
أحمد        : عمو, هوه صحيح في اغاني سلامتك و الهسهس بس آه في كتير أغاني نفس الشي..

ابو ابراهيم: يزين لهم الشيطان اعمالهم

ساد الصمت داخل السيارة, وبعد عدة دقائق وصلنا عند بيت ابراهيم, سلم أبو ابراهيم على الأولاد ونزل من السيارة.
لاحظ ابراهيم ان كرتاً يبدو ك كرت دعوة لفرح سقط من جيب ابو ابراهيم.

ابراهيم: بابا في هاد سقط منك
ابو ابراهيم: آه آه, هاد كرت ل عرس ابن خالتك علي, بس انسا مش حنروح
ابراهيم    : وللل, ليش ؟
ابو ابراهيم: صارلي ساعتين عندهم بحكي بالموضوع هاد, مش ناقصك, روح اسأل ابن خالتك

بعدما دخل ابو ابراهيم بيته

أحمد: ولك شو القصة؟
ابراهيم: علمي علمك, خنروح نشوف علي الحيوان شو مسوّي

رن جرس هاتف ابراهيم, المتصل كان علي ابن خالته يطلب منه رؤيته لحل المشكلة التي وقعت مع ابوه.

تحرك ابراهيم ومعه سليمان و أحمد لملاقات علي في احدى المقاهي القريبة.

وبعد ان وصل الجميع وتبادلوا الترحاب:

ابراهيم: آه يا معلم شو القصة؟
علي: والله يا زلمة ما انا عارف, ابوك مقفل راسه, و حلف مليون يمين انه ما حييجي عل عرس
ابراهيم: ما انا هاد اللي فهمته…قول طيب؟ شو صاير؟
علي: والله يا سيدي من وقت ما سمع انه عرس مختلط,و حيكون في أغاني عمللنا حفلة, انه اتقوا الله و حرام ومش عارف شو ..
بجوز هوه صح, بس ياعمي انت مش لما تروح ع مطعم بتلاقي فيه البنات والشباب قاعدين عادي و ما في ولا مطعم ما بحطلك اغاني تسمعها
ابراهيم: (دعما لابوه) ما هوه بتفرق بكون الواحد جاي ياكل ويمشي ومش حيقعد يبصبص, والأغاني بكون أكترها موسيقى
علي: ابراهيم تمسكليش فكر ابوك الله يرضى عليك وافهم.
بعدين عمره ابوك ما سمع اغاني؟

ابراهيم: لا والله يا زلمة ابوي بتدايق لما يسمع اغاني, اللهم الاناشيد اللي بيسمعهم على الراديو

علي: عمرك سمعت الاناشيد هاي؟

ابراهيم: آه يا زلمة ما هي القناة الوحيدة اللي بفتحها ابوي بالسيارة اصلا

علي: مش في كتير منها نفس الكلام العادي بس بدل ما يكونوا بصوت وائل كفوري, بصوت محمد أحمد

ابراهيم: مممم…في منه .. بس هات وصلله الفكرة, بيقولك لأ هاي بتختلف وهاي قناة دينية, و المشكلة مش بالاغاني, المشكلة بالكلمات.

علي: نفس اللي قلي اياه, وقلتلوا مستعد احطلك نفس الاغاني بس بتغنيها نانسي عجرم, صار يتخوت علي وانه انا ما بفهم و بس بدي اجاكر.

ابراهيم: هوه بيني وبينك ابوي وانا بعرفوا, ما دام حاطينلوا كلمة اسلامي أو ديني جنب أي شي, حتى لو كان نفس الشي العادي اللي هوه مش متقبله كتير, بيقولك لأ هاد ديني و في فتاوي فيه من اللي طلعوه قبل ما يكتبوا عليه هاي الكلمة.

علي: يعني لو حطوا وائل كفوري ع قناته حيقلك حلال تسمعله

ابراهيم: شي زي هيك

ابراهيم: بس هي ما وقفت عل الاغاني يا علي, موضوع الاختلاط عنده مستحيل يتقبله

علي: من شابه اباه فما ظلم!
يا ابن الحلال لما رحنا معاكم الاسبوع الماضي عل المنتجع مش كان في اغاني و ناس بتلعب والناس كلها قاعدة جنب بعض عادي والا عشان بضحكوا عل الناس وبقولولهم انه منتجع بحافظ على القيم, و الشعارات الغريبة تبعتهم.

انا مش حعمل اكتر ولا اقل من اي شي ممكن تلاقيه بحياتك العادية.

بعدين ع قصة انه الواحد لازم يغض البصر, يا عمي مش ابوك ما بضيّع نشرة أخبار, وبنسم بدنه اذا راحت عليه النشرة الجوية, و وحياتك غير ابراهيم القاسم تاع الاتجاه المعاكس عشان الضرب و المسخرة اللي بتصير فيه مافي مذيعين, كلهم بنات يا ابني.

وقلّي ما بتشتروش من محلات ببيع فيها الاواعي بنات !!

يا زلمة وحد الله, ام التناقض بس! بس هوه ابوك بتحسس من كلمة عرس مختلط

بعدما وجد أحمد و سليمان ان مستوى الحوار بدأ يشتد ..قرر أحمد التدخل

أحمد: شوف هوه في منه كلام علي وكتير كمان, بس برضه رأي ابو ابراهيم لازم يحترم ولازم تقعدوا مع بعض وتشوفوا شو القصة بهداوة و كيف ممكن تنحل, لانه مش صح خالك ما يحضر عرسك

علي: والله لولا محروق و مو ههاين علي الكلام هاد ما بنحر زي هيك

سليمان: اسمعوا انا لقيتلكم الحل!! ايش رايكم نقللوا انه هاد عرس مختلط اسلامي !! هاهاهاها

ابراهيم: يازلمة وينك من زمان !! خرا عليك, و عللي بفتح سيرة شي قدامك!

أحمد: روقوا ياجماعة, و ان شاء الله محلولة.
وبما انه من زمان ما اجتمعنا, خللينا نكسب هالطلعة و نتسلالنا شوي و بكرة بصير لكل حادث حديث.
سليمان: تريكس ؟
علي: والله زمااان…
معلّم بالله شدّة و ورقة الله لا يهينك, وطقم شاي للشباب.

Comment